خط إنتاج الحكماء: الحكمة ضالة المؤمن (1)

أعظم النعم التي يمكن أن يرزقها الله لك هي الحكمة,لأنها قادرة علي تحويل حياتك بشكل جذري كما تتحول البذرة إلي شجرة بقدرة خالق السموات,وبإعطاءها المناخ المناسب والماء المطلوب

كل شخص فينا ينظر للحياة نظرة مختلفة,وتلك النظرة تحدد إختياراتنا,وإختياراتنا تحدد حياتنا,والذي يعني أنه بلا شك لو تغيرت رؤيتك للعالم من حولك فقد تغيرت بالفعل حياتك,لذلك لا تشكك أبداً فيما تستطيع الحكمة إضفاؤه علي حياتك من أثر

للأسف تقتصر النظرة المتداولة للحكمة علي أنها حِكرٌ علي كبار السن,وأن الشخص لا يستطيع أن يكون حكيماً إلا بعد أن يتخطي حاجز الستين,حتي عندما أقول لك تصور حكيماً في خيالك,ستتخيل شخص بلغ من العمر أرذله,طويل اللحية ويمسك بعصاة خشبية,هذه هي النظرة التي يراها المجتمع للحكيم,ولكن دعنا نري ما قاله الحكيم العليم رب السموات والأرض

قال الله سبحانه وتعالي في سورة البقرة:" يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ" صدق الله العظيم.

كما تري,لم يأت أي ذكر لسن معين في الآية يكون فيه الإنسان حكيماً,ولعلك تتفق معي علي أنه يمكن للإنسان أن يعيش ويموت وهو لا يكاد يفقه شئ عن الحياة,ولكن أيضاً لم يأتي تصور الحكيم علي أنه شخص كبير السن من فراغ.

في كل يوم نعيشه نتعلم الكثير,سواءاً لاحظت هذا أم لم تلحظه,ومع تراكم كل هذه المواقف والخبرات الخاصة والمجاورة,يصبح المرء حكيماً يعلم الكثير عن الدنيا وماهيتها ,والذي يكسبه القدرة علي التفريق بين ما هو حقيقي وما هو زائف,يدرك الثوابت جيداً,والثوابت هي نقطة البداية دائماً,كما لا تستطيع الإرتفاع ببناء بدون وضع أساس مُحكم,لا تستطيع بلوغ المعرفة والحكمة بدون معرفة الثوابت,ولك الحق في اختيارها دائماً وأبداً,ولكن إذا سمحت لي بالإقتراح سأقول لك أن الثوابت كلها موجودة في القرءان الكريم,وبعدها في السنة النبوية الشريفة,وبعدها في قول الصحابة والأئمة,وبعدها في قول الفلاسفة والحكماء

هذا ليس كتاب ديني,ولكن بإستنادك علي قول الخالق وأنت تؤمن بوجوده وحكمته,تعلم أنك علي الطريق الصحيح,وإذا استطعت إثبات شئ بقول الله تعالي المبين,فقد استطعت إثباته بالعلم الإلهي الكامل الذي لا ينقص كعلم البشر ,لذلك أعلم أن هذه السلسة ستضيف إلي حياتك نفس الإضافة في أي زمان تقرأها فيه,هذه القوانين لا تتغير ولا تتبدل,وهذه القوانين لا أستطيع نسبها إلي نفسي,وكل ما أستطيعه هو جمع هذه القوانين في مكانٍ واحد,وعليك التمعن والقراءة,فعقلك هو ميزانك.

كنت طوال حياتي لا أحب الكتب التي تطول مقدمتها ولا أستفيد منها شيئاً,وعلي الأغلب كنت أتخطي المقدمة,لأنِ الوقت هو أغلي المصادر التي نملتكها,ولذلك سنتحدث عن هذا الأمر,ولذلك ايضاً ساحرص دائماً علي عدم إضاعة وقتك,ولكن لو شعرت في أي لحظة أنك قد أضعت وقتك لا تشرع في إكمال هذه السلسة, إتركها فهي ليست ما تبحث عنه.

هذه المقدمة ليست مقدمة وحسب,هذا هو الموضوع الأول من السلسلة تحت عنوان (الحكمة ضالة المؤمن)

قد توحي كلمة ضالة بالضلال,الذي هو عكس الهدي,ولكن الضالة هي المطلب,الشئ المفقود الذي تبحث عنه,لو كنت أفتقد السعادة وابحث عنها فهي ضالتي,ورغم ضعف الحديث وتشكيك المعظم فيه,ولكن صح ما قيل فيه,لذلك سنتعامل معه علي معناه وعلي أنها جملة عادية لكن حكيمة.

" الكلمة الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها"

الحكمة هي ما تبحث عنه,حتي لو لم تكن تعلم ذلك,فقد أودع الله فينا العقل الذي ميزنا به عن سائر الكائنات الحية التي تبحث فقط عن متطلبات عيشها وشهواتها,وجعلنا نبحث عن القيمة والمعني في حياتنا بإستمرار,والحكمة ضرورية لإستخراج وإدراك المعني

لذلك هي لك حيثما وجدتها,ربما من طفل لم يبلغ سن العاشرة,ربما من موقف حدث لك أو لقريب أو حتي غريب,هي دليلك,وهي مرادك ومطلبك,إن وجدتها فقد وجدت أكثر مما تتخيل,وإن خسرتها فقد خسرت أكثر مما تتصور

وأول الخطوات للحصول علي الحكمة,هي طلبها والبحث عنها كمن يبحث عن ما ينجيه من الغرق,فبإستطاعة الحياة أن تغرقك في صغائر أمورها,فقط إن كنت لا تستطيع السباحة

لذلك المبدأ الأول هو أن الحكمة ضالة المؤمن,حيث وجدها فعليه بها,إبحث عنها إذا أردت أن تكون من الناجين

تابعني علي منصة رقيم

تابعني علي منصة ستيم إيت

المدونة