أخذ التنسيق بين الجانبين الروسي والجزائري أبعادًا جديدة عززت العلاقة الثنائية بينهما؛ لترتقي إلى درجة التحالف الثنائي عبر تحول الجزائر لفاعل يتحرك برغبة روسية في عدد من قضايا منطقة شمال أفريقيا، وأحيانًا يأخذ زمام المبادرة بدافع روسية ورغبتها.تمثل ذلك في التنسيق الدائم بين البلدين في الأزمة الليبية، والتعويل الكبير على الجزائر في كثير من المبادرات لتسوية الأزمة السياسية بما يضمن لروسيا نفوذًا وحضورًا سياسيًا. تجلى هذا التنسيق من واقع تطابق مواقفهم من حيث تحميل الجزائر وموسكو لـ«الناتو»، مسؤولية العنف في ليبيا.
ظهر هذا التنسيق بين البلدين من واقع الدعم الروسي الكامل لكافة المساعى الجزائرية لتسوية الأزمة الليبية، وذلك عبر الدخول وسيطًا مشتركًا في بعض الأوقات، أو داعم لقاءات للخصماء السياسين برعاية جزائرية، كما حدث في لقاءات جمعت مسؤولين جزائريين بنظرائهم الليبيين، كرئيس المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن السويحلي ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، فائز السراج، وقائد القوات التابعة للحكومة المؤقتة خليفة حفتر، إضافة إلى أنها تقود حوارات مع أحزاب وفاعلين ليبيين بصفة غير رسمية.عزز من أهمية الجزائر بالنسبة لروسيا في الأزمة الليبية تمتعها بعلاقات جيدة مع كافة الأطراف الليبية بما في ذلك قوى الشرق الليبي المتمثل في العناصر التي تتبع خليفة حفتر، والعناصر المحسوبة على نظام القذافي، فضلًا عن نفوذها الواسع على قوى محسوبة على تيار الإسلام السياسي.
وتشترك أهمية ليبيا السياسية والعسكرية والجغرافية لكل من الجزائر وروسيا؛ فالأخيرة كانت حليفة لنظام القذافي، وكان إحدى الأوراق الرابحة اقتصاديًا في منطقة الشرق الأوسط،، كما تتجاور الجزائر مع ليبيا جغرافيًا من ناحية الجنوب، وتُدير الملف الليبي من سنوات، وتحتفظ بعلاقات مع مختلف الفاعلين السياسيين هناك.
وعولت روسيا كثيرًا على الدعم الجزائري في المحافل الدولية، بشأن الأزمة الليبية، ورفض التدخل الغربي في ليبيا؛ مما شكل دافعًا قويًا لاستمرار النفوذ الروسي في ليبيا، واكتساب روسيا بالاشتراك مع الجزائر موقعًا هامًا في أي تسوية محتملة للأزمة الليبية.
وتُشكل الأزمة السورية القضية الثانية التي لعبت فيها الجزائر دورًا يتماشى مع وجهة النظر الروسية، فضلًا عن كونها وسيلة لتوسعة رقعة النفوذ الجزائري خارج حدودها؛ خصوصًا في ظل الموقف المشترك لروسيا مع الجزائر؛ إذ دعمت الأخيرة سيادة النظام السوري منذ بداية الأحداث هناك عام 2011، وقد عارضت خطوات الجامعة العربية لطرد النظام السوري من منظمة الوحدة العربية التي هي أحد الأعضاء المؤسسين لها.
ولم تتوقف الجزائر على مدار سنوات الأزمة السورية عن إصدار البيانات المُساندة فيها لما اعتبرته جهود النظام السوري في «محاربة الإرهاب وتشجيع الحوار السوري – السوري لإيجاد مخرج من المأزق السياسي من خلال مصالحة وطنية سورية، ودعم جهود روسيا لإعادة الأمن والاستقرار وحماية الوحدة الترابية لسوريا ومنع خطر التفكك وفشل الدولة».
وأخذت المساعي الروسية للاستفادة من الحضور والنفوذ الجزائري في القضية السورية والليبية بعدًا جديدًا في السنوات الأخيرة، عبر تطوير وتسهيل تبادل المعلومات بين كلا البلدين، وتعزيز العمل الاستخباراتي بين أجهزة الاستخبارات لكلا البلدين.
وشهد العام الحالي اجتماعات مُكثفة بين المسؤولين الأمنيين في روسيا مع نظرائهم الجزائر بهدف تنشيط التعاون بين أجهزة البلدين الأمنية، خصوصًا في الأزمة السورية واللبنانية، وكانت أحد أوضح علامات هذا التعاون الاستخباراتي انضمام الجزائر إلى قاعدة بيانات دولية لمحاربة الإرهاب، أنشأها جهاز الأمن الروسي في مارس من العام الجاري، والتي تهدف بشكل أساسي لتعزيز عملية تبادل المعلومات في القضايا الأساسية التي تتعلق بالإرهاب.
Hi! I am a robot. I just upvoted you! I found similar content that readers might be interested in:
https://www.sasapost.com/the-relations-between-algeria-and-russia/
Downvoting a post can decrease pending rewards and make it less visible. Common reasons:
Submit