أهلا بالجميع،
من بين الأخطاء الشائعة التي يتم تداولها أو إعتبارها في أواسط العالم السبراني هو حقيقة أن العالم الإفتراضي هو عالم بديل لا يستند من بعيد أو من قريب على الأسس التقليدية للأنظمة الإقتصادية. ويمكننا رؤية هذا التوجه كثيرا حاليا في ظل بروز العملات المشفرة التي أعطت حسا أقل واقعية فيما يتعلق بالقيمة التي يمكن تحقيقها، أو حتى الأهداف التي يمكن وضعها والعمل على الوصول إليها. هذا إلى مجمل الآليات التي أصبحت متوفرة والتي سهلت عملية التقييد القيمي والعرض الاقتصادي للقيمة التي يمكن انتظارها.
ولكن الحقيقة أن أي نظام بيئي يستند على نفس المنطلقات التسييرية التي تنسند عليها أي بيئة إقتصادية تمكنت من تحقيق نوع من الاستقرار الوجودي. الأمر الذي يدفعنا إلى التفكير على مدى جدوة هذا الإمتداد الاقتصادي إلى العالم السبراني كون الأسس الاقتصادية التي يستند إليها تعد نفسها إلى حد بعيد. هذه الأسس التي لها علاقة وطيدة بالتغذية العكسية التي يجب أن تحد من أجل الحفاظ على القيمة السوقية أو السير الاقتصادي الذي يمكنه بشرط توفر المادية الأولية بالمفهوم الكلاسيكي. رغم أن المادة الأولية للقيمة أو الإنتاج الاقتصادي يمكن تحديده بشكل واضح في الاقتصادات التقليدية، الأمر الذي يسمح بإنتاجية أعلى أو فعالية أعلى في تحديد وإنتاج المادة الأولية. إلا يعد من الصعب جدا تحديدها وتوفيرها في العالم الإفتراضي، خاصة لسلاسل الكتل التي تقدم الصيغة الخدماتية كواجهة أولية لها لتوليد القيمة.
انطلاقا من هنا، يمكننا تحديد أحد أهم العوائق الحالية التي تواجه سلسلة ستيم للكتل، فبعد حادثة الفصل التي حدثت منذ المدة. حصل هناك تحول عميق في السلوك الاستثماري على المنصة أين أصبحت عمليات سحب القيمة السوقية للعملة الأساسية تشكل ضغطا كبيرا على القيمة الإجمالية للمشروع. طبيعة المشكلة تندرج تحت عدة سياقات. السياق الأول هو التخطيط الأولي التي ينظر إلى العملة الأساسية لسلسلة الكتل على أنها ستكون وسيلة لتجسيد الطابع الخدماتي للعملة الأساسية لما يتم إضافة مستويات أخرى على السلسلة للسماح لأشخاص آخرين بتجسيد مشاريع جديدة لديها عملاتها الخاصة. أما السياق الثاني فهو ينطوي على أن القيمة السوقية لسلسلة كانت يجب عليها أن تستند أساسا على ما يمكن أن يطلق عليه بآلية إثبات الإنسانية الذي من شأنه أن يلعب دورا مباشر في جلب مستخدمين وأشخاص جدد.
رغم أن القيمة السوقية يمكنها أن تندرج أيضا من ميكانيزمات أخرى، إلا أن التغذية العكسية التي يمكننا رؤيتها في الميكانيكا الحرارية تم ذكرها في عدة مناسبات عند التكلم على الأنظمة الاقتصادية المغلقة. ذلك أن التغذية العكسية تعد جزءا أساسيا لنجاح أو فشل السلسلة. فمع زوال التغذية العكسية في بيئة إقتصادية، تميل معظم الفواعل إلى الذهاب إلى بيئات إقتصادية أخرى أو تكون عرضة للزوال. لذا، من الضروري أن تحرص هذه الفواعل الاقتصادية على وجود تغذية عكسية صحية داخل النظام البيئي. لكن في الكثير من الأحيان، إنتظار هذا من السلوك التنظيمي في بيئة لا يوجد فيها أنظمة لاحتكار القوة التنفيذية يعد غير ممكنا، لذا تميل هذه الفواعل في العادة إلى محاولة تحقيق اكتفائها الذاتي فقط أو تعمل على تحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح في ظل الغياب التام لأي سلطة تنفيذية.
سأحاول التكلم مستقبلا على بعض التدابير التي تم أتخاذها من أجل معالجة إشكالية غياب أي سلطة تنظيمية على سلسلة ستيم، وهل كان ذلك فعالا في إعادة توجيه المجهودات نحوس الأسس التي كان يفترض إتباعها.
شكرا على مروركم،