يعتبر المعجم من أهم مقومات الثقافة والذي يحفظ للغة كلماتها التي –هذه الاخيرة- تحمل في طياتها قيم وعادات ومضامين تدل على خصوصية ثقافة معينة يتم من خلالها ترسيخ الهوية وعلى هذا الاعتبار يمكن أن نقول بأن المعجم لا يحفظ الكلمات وفقط بل يحصن الهوية الثقافية علما منا أن المعجم يحوي مفردات من شتى المجالات الحياتية التي تبرز عبرها مميزات ثقافة معينة .
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو كيف يمكن للمعجم أن يساهم في حوار الحضارات ؟
إن المعاجم على اختلاف أنواعها تساعد في التواصل الثقافي مادامت تتعلق أدوارها باللغة واللسانيات عامة هذا بشكل عام ، أما إذا ما حاولنا مقاربة أهمية المعجم في التواصل الحضاري فإننا سنتطرق بالتفصيل لبعض أنواعه على اعتبار أن المعجم اللغوي العادي ليس هو المعجم ثنائي اللغة .
فبالنسبة للمعجم احادي اللغة يمكن كشف دوره في التواصل الثقافي في مجموعة من المعطيات التي من أهمها المفردات الدخيلة والمعربة في الصناعة المعجمية . إن المتأمل في هذه المفردات الدخيلة يجدها تساهم في تلاحم وتقارب الأجناس الثقافية فبما انها تنتقل من ثقافة إلى أخرى فإنها تنقل معها عديد من الجزئيات التي قد لا نعيرها اهتماما كافيا . والتاريخ يحكي عن تناقل حكايات وليس فقط كلمات لذلك فالدخيل في اللغة من خلال المعجم يدعم التواصل الثقافي و طرق انتقال هنا كثيرة منها البعثات الطلابية والعلاقات التجارية و الترجمات والرحلات وكل أصناف التلاقي و التبادل عبر جيوغرافي . اما فيما الكلمات المعربة التي تتم ترجمتها من اللغة الأصل إلى اللغة الهدف سواء كانت الكلمات تواصلية عادية أم كانت مصطلحات علمية دقيقة ومفهومية فإنها ترفع من درجة التواصل الثقافي على اعتبار أنها تحمل دلالات تولدت من ايديولوجيات متنوعة . ونود أن نشير هنا بأن الأخذ من الثقافات الأخرى ليس عيبا أو نقصا بل هو تقوية الرصيد المعرفي للفرد وللمجتمع هذا طبعا إن كان في حدود الاستفادة النفعية دون الانغماس الكلي الذي يفقد الهوية ، هذه الأخيرة التي لا يمكن احساس بها و معرفتها إلا بوجود الآخر الذي يقابلنا أو ينافسنا ... فإن لم يكن الآخر فلن نستطيع معرفة هويتنا أو خصوصيتنا .
المهدي الزمراني